بحث عن عمر المختار : أسد ليبيا الشامخ

بحث عن عمر المختار . في موضوع اليوم ، سنتحدث عن سيرة حياة مجاهد ليبي أصيل ، خلده التاريخ وأضحت شجاعته ووطنيته مثالا يحتذى به .

قائد أشاد به ألد أعدائه فقال :

” عندما نظرت إلى عمر وجدته وقد علته هالة من النور يراها القاصي منه والداني ، فأخذت شفتاي ترتعشان ، ولا أعلم سبب هذا الخوف الذي ملأ قلبي ؟! فقلت في نفسي هذا قديس ! ” ( الجنرال جرتسياني : قائد القوات الإيطالية ) .

من هو عمر المختار ؟

 

هو عمر بن مختار المنفي ، من قبيلة منفة والتي يرجع نسبها إلى قبيلة قريش العدنانية ، ولد في البطنان ببرقة سنة 1858 م ، نشأ في أحضان الزاوية السنوسية حيث أخذ هناك أصول العلم وتربى خير ما يكون من الخلق والكرم .

قسوة المناخ في البيئة الصحراوية جعلت منه جَلَدا على المصاعب ، صابرا في الشدائد ، وتلك خصال لا تتوفر إلا في الأبطال .

 

عمر المختار وبداية طريق الجهاد

 

كان أسد الصحراء مثالا لنصرة المستضعفين ، ويحمل العداء لكل من يمس حظيرة الإسلام والمسلمين بسوء أو يغصبهم حقوقهم ، فكان من أوائل الملبين لنداء الجهاد في تشاد ، حيث حارب المستعمر الفرنسي وألحق بجيوشه هزائم نكراء ، كما أخذ على عاتقه نشر الاسلام في أرجاء إفريقيا ، قبل أن يفرغ نفسه ليصبح معلما .

 

عمر المختار يلبي نداء الجهاد في ليبيا

 

في يوم 29 سبتمبر سنة 1911 م ، أرسلت إيطاليا بارجتها الحربية لاحتلال ليبيا ، فكانوا يمنّون أنفسهم بصيد ثمين وسهل ، ليصطدموا بمحارب من عيار ثقيل جدا ، لقد كان عمر المختار من أوائل من هبّوا للدفاع عن وطنهم ، ودحر كيد المستعمر الغاشم ، ويبدو أن تجربته في محاربة المستعمر الفرنسي أكسبته خبرة كبيرة ، الشيء الذي انعكس بسوء على الإيطاليين ، حيث كبّدهم خسائر وهزائم تلو الهزائم ، لدرجة أنه تم تغيير الحكومة الإيطالية أربع مرات بسبب ما لحقها من خسائر مخزية من طرف أسد الصحراء .

 

موسوليني يرد على عمر المختار

 

ضاق زعيم إيطاليا موسوليني بهجمات عمر المختار الناجحة ، والتي كانت تقوم على قاعدة : اضرب واهرب ، فكان يتمثل له خيال عمر المختار في كوابيسه ، فأرسل أحد جنرالاته كورقة أخيرة ويدعى غرتسياني ، والذي قام بحرب إبادة ، وجرائم شنيعة ضد الشعب الليبي المرابط .

جانب من جرائم غرتسياني :

– بنى جدارا شائكا على طول الحدود الليبية المصرية ، وذلك لمنع وصول الامدادات المصرية للمجاهدين الليبيين .

– اعتقل أكثر من 80000 ليبي وليبية ، ووضعهم في معسكر ضيق يتسع فقط ل 10000 نسمة ، بل ووضع معهم مواشيهم وإبلهم .

– قضى على إثر ذلك أكثر من 60000 مواطن حتفهم بسبب الجوع والأمراض والتعذيب البشع .

– تم إلقاء أكثر من نصف طن من القنابل على المدنيين في مدينة الكفرة .

– كان كبار السن من الرجال والنساء يتم رميهم من الطائرة على ارتفاع 400 متر ، وذلك لبث الرعب في قلوب الليبيين وأطفالهم .

 

عمر المختار وقاعدة الموت أو النصر

 

” إما أن ننتصر أو نموت ” .

انطلاقا من هذه القاعدة ، لم يتوان عمر المختار عن محاربة العدو الإيطالي بكل ما أوتي من جهد وحيلة ، فأخذ يزأر في صحراء ليبيا الحارقة ، وينصب الكمائن لهم ، فكبدّهم خسائر جسيمة ، حتى نصب له كمين ذات يوم ، حيث كان بصدد استكشاف مواقع العدو ، ففوجئ بكتيبة كبيرة أحاطت به وبرجاله الذين بلغوا 50 فارسا آنذاك .

وبعد مواجهة عنيفة ، تمكن العدو من أسره ، واقتيد إلى الأسر شامخ الرأس ، تعلوه مهابة أربكت سجّانه ، وبعد محاكمة محسومة مسبقا ، أعدم البطل المجاهد عمر المختار ببنغازي سنة 1931 م ، عن عمر يناهز 75 سنة ، أمام أنظار شعبه ، وزغاريد النسوة تعلوا سماء بنغازي ، تشييعا لروح هذا البطل الذي لم يكتب له البقاء ليشهد نتائج بطولاته .

 

العدو يشهد بهيبة عمر المختار

 

يقول الجنرال الإيطالي غريستياني : ” وعندما حضر المختار أمام مكتبي كانت يداه مكبلتان بالسلاسل وبالإجمال يخيل لي أن الذي يقف أمامي رجل ليس كالرجال العاديين ، له منظره وهيبته رغم أنه كان يشعر بمرارة الأسر ، ها هو واقف أمام مكتبي أسأله ويجيب بصوت هادئ وواضح :

فسألته قائلا : لماذا حاربت بشدة متواصلة الحكومة الفاشستية ؟ فأجاب الشيخ : من أجل ديني ووطني . فقلت : ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟ فأجاب الشيخ : لا شيء إلا طردكم ، لأنكم مغتصبون ، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله .

فسألته : لما لك من نفوذ وجاه ، في كم يوم يمكنك أن تأمر الثوار البدو بأن يسلموا أسلحتهم ؟

يضيف غرتسياني : وما أن سألته هذا السؤال حتى نظر إلي بنظرة أرعبتني وقال لي بثقة غريبة :

إننا لا نستسلم أبدا ، نموت أو ننتصر ” .

 

شعراء يرثون عمر المختار

 

يقول أحمد شوقي :

رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ * يَستَنهِضُ الوادي صَباحَ مَساءَ

يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ * توحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَ

ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ في غَدٍ * بَينَ الشُعوبِ مَوَدَّةً وَإِخاءَ

جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ * تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَ

يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا * يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاءَ

تِلكَ الصَحاري غِمدُ كُلِّ مُهَنَّدٍ * أَبلى فَأَحسَنَ في العَدُوِّ بَلاءَ

وَقُبورُ مَوتى مِن شَبابِ أُمَيَّةٍ * وَكُهولِهِم لَم يَبرَحوا أَحياءَ

 

ويقول خليل مطران :

أبيت والسيف يعلو الرأس تسليما * وجدت بالروح جود الحر إن ضيما

لله يا عمر المختار حكمته * في أن تلاقي ما لاقيت مظلوما

إن يقتلوك فما إن عجلوا أجلا * قد كان مذ كنت مقدورا ومحتوما

اقرأ أيضا : عبد الحميد بن باديس : بطل الثورة الجزائري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *