أسباب المشاكل الزوجية وحلولها في الإسلام

مقال اليوم يتطرق إلى المشاكل الزوجية وحلولها في الإسلام ، حيث سنبين أسباب تفشي هذه المشاكل وازديادها ، وكذلك الوقوف على أضرارها على الفرد والأسرة والمجتمع .

المشاكل الزوجية خطر يهدد نظام الأسرة والمجتمع

 

تمثل رابطة الزواج أقوى الروابط الاجتماعية والدينية على الإطلاق ، إذ إنها تمثل عماد الأسرة ولبنة المجتمع الأولى ، به تصلح الأمة أو تنهار .

ومن هنا فإن المشاكل الزوجية تعد من معاول الهدم لهذا البنيان ، وإحدى المعوقات نحو بناء مجتمع إسلامي فاضل يقوم على أسس سليمة وعلاقات متينة وقواعد راسخة .

ولقد انتشرت هذه المشاكل في عصرنا الحالي بشكل مخيف ، وأضحت ظاهرة بارزة في مجتمعنا ، ومهما كانت أسبابها فإنها ببساطة تفكك الروابط الأسرية شيئا فشيئا ، لتبدأ مرحلة جديدة تتسم بانحلال الأسرة وضياع الأولاد وتفتت البنيان .

وعندها تقع الكارثة الكبرى ألا وهي : الطلاق . ورغم أن الحلول عادة ما تكون متاحة أمامنا وفي إسلامنا وديننا ، فإننا نغض الطرف عنها ، ونسير على غير هدى إلى سراب مظلم ، ولا نستفيق إلا على خراب كبير ، لا يمكن جبره بسهولة .

إن المشاكل الزوجية بكل أنواعها تقف في بؤرة واحدة ، ألا وهي إحساس كل طرف بأنه على حق وأن الطرف الآخر هو المخطئ .

وتلك هي الثغرة التي ينفذ منها الشيطان إلى قلب الزوجين ، فيبدأ بتكبير الفجوة ، حتى تصل إلى مداها الأقصى ، وعندها يكون الوقت قد فات عن التراجع ، وتتحول الحياة الزوجية إلى جحيم مقيم ، بدل أن تظل جنة وارفة الظلال كما أرد الله .

وفيما يلي نحاول وضع أيدينا على أسباب المشاكل الزوجية ، وأضرارها ، وحلولها في الإسلام .

 

أسباب المشاكل الزوجية

 

هناك مجموعة متعددة من الأسباب التي تؤدي إلى انهيار العلاقات الزوجية ، ولعل أهم تلك الأسباب يتمثل في البعد عن الله سبحانه وتعالى وعدم مراعاته في الحياة الزوجية بين الطرفين ، إضافة إلى التعرض لمشاكل اقتصادية ومالية .

وإجمالا يمكن أن نلخص تلك الأسباب في النقاط التالية :

– عدم مراعاة الحقوق والواجبات بما يرضي الله بين الزوجين .

– الابتعاد عن المنهج الإسلامي المثالي في حل المشاكل الزوجية .

– العوز والمشاكل الاقتصادية وقلة ذات اليد في الإنفاق على الأسرة .

– عدم تحمل ضغوط الحياة بشكل يومي مستمر مما يقود إلى الغضب والانفعال السريع والذي قد يقود أحيانا إلى الضرب والعنف .

– انشغال أي طرف من الطرفين عن الطرف الآخر وقلة التواصل و النقاش الفعال .

– سوء إدارة الصراعات و التعامل مع الأزمات والسماح لها بالتصاعد .

– امتلاك نظرة قاتمة ومتشائمة وسلبية عن الحياة والناس وتصرفاتهم .

– التمسك بالرأي مهما كانت النتيجة ، وعدم تنازل أيّ من الطرفين ، والذي قد يرجع إلى العناد أو لاختلاف الثقافة بين الزوجين وكذا اختلاف النظر إلى الأمور .

– الثبات وعدم التغيير والاعتماد على الروتين اليومي القاتل للإبداع .

– إهمال العلاقة الزوجية ، وعدم المشاركة الفعالة بين الطرفين .

– انعدام الجاذبية بين الطرفين ، وفقدان الرغبة الجنسية .

– زيادة الأعباء المنزلية ومشاق تربية الأولاد ، مما يولد ضغوطا كثيرة .

– الغيرة الزائدة ، والميل إلى الشك بين الطرفين ، مما يولد الصراعات والنزاعات .

– الميل إلى نظرة المقارنة بين ظروف الآخرين وحالهم وما عليه الأسرة ، مما يخلق صراعا داخليا خاصة لدى الزوجة التي لديها متطلبات عديدة ، أو الزوجة المحبة للمظاهر والبهرجة وحب الذات .

لعل هذه أبرز الأسباب المؤدية والموصلة للمشاكل الزوجية . وفيما يلي نناقش أضرار تلك الظاهرة وحلولها في ضوء الإسلام ، فهيا بنا…

 

أضرار المشاكل الزوجية

 

تنتج عن الأسباب السابقة مجموعة من الأضرار الأسرية والمجتمعية والفردية ، ولعل أبرز هذه الأضرار هو تفتت الأسرة وانهيارها ودخولها في دوامة من الإحباط واليأس والتنازع .

إضافة إلى حدوث قطيعة بين الزوجين وخلق فجوة كبيرة بينهما ، وانتشار الكراهية والعداء ، مع شعورهما بالشقاء والتعاسة .

ويحدث بالتالي إهمال كل طرف لواجباته الزوجية والحياتية بما ينعكس عليهما من آثار نفسية سيئة وتشتت ذهني وفقدان الطمأنينة والانسجام .

وقد يصل الأمر أحيانا إلى حدوث نوع من التسيب المؤدي إلى الوقوع في الحرام ( الفاحشة ) ، بدعوى تأديب الطرف الآخر ، وتلك كارثة كبيرة تجر إلى ما ورائها .

ولعلنا نسمع في كل يوم عن جرائم قتل يندى لها الجبين ، كانت المشاكل الزوجية أساسا لها وبابا مشرعا في وجهها .

أما فيما يخص الضرر الواقع على الأبناء ، فإنه يتمثل في تأثرهم سلبا بتلك المشاكل الزوجية فتجدهم غير مستقرين نفسيا ، يميلون إلى العزلة والحزن ، مع افتقادهم للأمان وتعرضهم للانحراف والضياع ، وسلك مسالك الشيطان دون وازع للردع .

كما أن مشاهد العنف بين الزوجين تخلق لديهم حالة من الخوف الشديد والذي قد يتحول في بعض الأحيان إلى نوع من الاضطراب الذهني . إضافة إلى تأخر الأداء الدراسي عن أقرانهم الآخرين ، وإجمالا فإن المشاكل الزوجية تعد سكينا يذبح الأبناء بلا رحمة أو توقف .

 

المشاكل الزوجية وحلولها في الإسلام ( 1 )

 

لا بد أن نقف أولا عند نعمة الزواج باعتبارها من النعم العظيمة التي رزق الله الإنسان بها ، يقول الله تعالى : ” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” ( الروم 21 ) .

ومن ثم فلا يجب إهدار هذه النعمة بالخلافات والتنازع والتخاصم .

ويجب على كل طرف أن يراعي الله في هذه العلاقة الزوجية ، ولا بد للمرأة أن تعلم أنها ستحصل على الثواب العظيم إذا ما اتقت الله في زوجها وقامت على أبنائها ، وأن الحياة لا تخلو من المشاكل والخلافات .

وعلى كل زوجة وزوج أن يعلما أن المشاكل الزوجية تضعف الترابط الأسري ، وأنها لا بد أن تمر مثل سحابة صيف عابرة .

لا بد لكل طرف أن يثق في الطرف الآخر ، وأن يحافظا على أسرارهما الحياتية والزوجية ، وأن يوقرا بعضهما البعض ، وأن يحفظا لسانهما عن السب والإيذاء والتكلم بما لا يرضي الله تعالى .

وعلى الزوج أن يحسن معاشرة زوجته بالمعروف وأن يمنحها حقوقها في النفقة والجماع والصبر والاحتمال والتوجيه ، وذلك قبل أن يطلب منها تأدية واجباتها ، ولا بد أن يعي أنه مدبر الأسرة وله القوامة التي ينبغي أن توجه للقيام بدوره وفقا لما يمليه عليه الشرع الحنيف .

وعلى الزوجة أن تراعى الله في زوجها ، وأن تكون معينة له في طاعة الله .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ” ، فهي التي تزين حياة الرجل ، لذا واجب أن تفهم دورها بأنها راحة وسكينة لزوجها ، حافظة سره ولنفسها ، وأن تتحمل ظروف زوجها ، وتحيا معه في السراء والضراء .

كما أنه لا بد عند حدوث خلاف زوجي أن تتم مناقشته بعيدا عن الأبناء حتى لا يتأثروا نفسيا بذلك .

وقد أكد القرآن الكريم على أن يعاشر الزوج زوجته بالمعروف ، يقول تعالى : ” وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ” ( النساء 19 ) . ويقول تعالى : ” فأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ” ( البقرة 231 ) .

 

المشاكل الزوجية وحلولها في الإسلام ( 2 )

 

كما أن الله تعالى قد نهى الرجل عن إيقاع الضرر بالزوجة من سكن ومعيشة حتى لو كانت مطلقة ، يقول تعالى : ” أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ” ( الطلاق 6 ) .

وفي الحديث الشريف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع أعوج وإن أعوج ما في الضلع أعلاه ” ( حديث صحيح ) . .

وعلى الزوجة أن تتذكر مكانة زوجها وأن تحترمه وتقدره ، وقد روت أم المؤمنين عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألت : “ أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها “.

إن حل المشكلات الزوجية في الإسلام تنعقد أساسا على أن يسود التسامح وأن يتحمل كل واحد الطرف الآخر ، وأن يتذكر حسناته قبل سيئاته . وأن يراعيا الله تعالى في تلك الشراكة .

ويجب ألا يسمحا بتدخل الوسطاء ، وإن كان لا بد ، فيجب اللجوء إلى أهل الخير والصلاح والمشهود لهم بالنصح وصواب الرأي والدين .

وأن يحرصا على عدم التبرم والشكوى ، وأن تكون المعاشرة بالمعروف ، فلا راحة في بيوت المسلمين ما لم تقم بأمر الله سبحانه وتعالى ، وتلتزم بطاعته وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم .

اقرأ أيضا : الحياة الزوجية الناجحة في الإسلام : أسس وأسرار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *