الصلاة عماد الدين ، شرعها الله لنا راحة لأنفسنا ، وتقربا للجليل القدير ، فهي أحد أركان الإسلام الخمسة ، وأساس لا يكتمل الدين إلا بأدائها . وموضوعنا اليوم سنتطرق فيه ببساطة إلى كيفية أداء الصلوات الخمس بالتفصيل ، ومعرفة شروطها حتى نؤديها على وجهها الصحيح ، فكم من شخص يعتقد أنه يحسن صلاته لكنه أبعد ما يكون عن ذلك ، فلا حرج أن نتعلم جميعا ، أو بالأحرى نجدد تعلمنا .
ما هي الصلاة ؟
الصلاة لغة الدعاء ، لقوله تعالى : ‘ وصل عليهم ‘ ( التوبة 103 ) أي ادع لهم ، واصطلاحا هي عبادة لله جل وعلا ، ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير ( أي تفتتح بالله وأكبر ) ، ومختتمة بالتسليم ( التسليم بعد التشهد ) ، مع النية بشروط محددة .
حكم الصلاة
هي واجبة بالكتاب لقوله تعالى : ‘ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ‘ ( البينة 5 ) ، وبالسنة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن فقال : ‘ وأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ‘ ( أخرجه البخاري ومسلم ) . أما الإجماع فقد أجمعت الأمة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة .
متى فرضت الصلاة ؟
أجمع علماء الأمة أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ‘ فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات ليلة أسري به خمسين ، ثم نقصت حتى جعلت خمسا ، ثم نودي يا محمد ، إنه لا يبدل القول لدي ، وإن لك بهذه الخمس خمسين ‘ . ( صححه الألباني ) .
الصلوات الخمس وعدد ركعاتها
الصلوات المفروضة على المسلم خمس وهي :
– الظهر أربع ركعات
– العصر أربع ركعات
– المغرب ثلاث ركعات
– العشاء أربع ركعات
– الصبح ركعتان
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‘ أمّني جبريل – عليه السلام – عند البيت مرتين ، فصلي بي الظهر حين زالت الشمس ، وكانت قدر الشراك ، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله ، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق ، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم ، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله ، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه ، وصلى بي المغرب ، حين أفطر الصائم ، وصلى بي العشاء إلى ثلثي الليل ، وصلى بي الفجر فأسفر ، ثم التفت إلي وقال : يا محمد : هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت ما بين هذين الوقتين ‘ ( رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، والحاكم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ) .
[wp_ad_camp_3]شروط الصلاة الصحيحة
شروط الصلاة تسعة وهي على النحو الآتي :
1 – الإسلام ، وضده الكفر .
2 – العقل وضده الجنون ، وكما نعلم فالمجنون مرفوع عنه القلم حتى يفيق .
3 – التمييز ، وهي أن يؤمر ذو السبع سنين بالصلاة لحديثه صلى الله عليه وسلم حيث قال : ‘ مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ‘ ( أخرجه أبو داود وأحمد ) .
4 – الوضوء للحدث الأصغر ( ما ينقض الوضوء من خروج ريح أو غائط ) ، والغسل للحدث الأكبر ( الجنابة ) .
5 – إزالة النجاسة من البدن والثوب والبقعة ( أي مكان الصلاة ) .
6 – ستر العوررة ، وعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، أما المرأة فكلها عورة إلا وجهها وكفيها في الصلاة ، واختلفوا في القدمين .
7 – دخول وقت الصلاة .
8 – استقبال القبلة .
9 – النية لله عز وجل والإخلاص له ، ومحلها القلب ، أي أنك تستعد لدخول صلاة معينة بنية أدائها .
صفة الصلاة الصحيحة
الصلاة الصحيحة تقضي بأن يصلي المسلم كما علمه النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم ، لحديثه الشريف : ‘ صلوا كما رأيتموني أصلي ‘ ( رواه البخاري ) ، وهي على النحو الآتي :
1 – إسباغ الوضوء ، أي إتمامه على أكمل وجه .
2 – التوجه إلى القبلة .
3 – جعل سترة يصلي إليها ، والسترة هي الشيء الذي يضعه المصلي أمامه في الصلاة لكي لا يمر أحد أمامه ، وتوضع السترة تقريبا على بعد ثلاثة أذرع من المصلي ، وهناك خلاف محمود في وجوبها ، تفضل بشرحه الشيخ العلامة سعيد الكملي في الفيديو التالي :
4 – تكبيرة الإحرام ، قائما وقاصدا بقلبه فعل الصلاة التي يريدها ، قائلا : الله أكبر ، ناظرا ببصره إلى محل سجوده ، رافعا يديه مضمومتي الأصابع ، ومحاذاة لمنكبيه ( كتفيه ) ، أو حيال أذنيه .
5 – وضع اليد على الصدر ، اليمنى على ظهر كف اليسرى .
6 – استفتاح الصلاة بدعاء الاستفتاح ، وهو ما بين التكبيرة والقراءة ، وورد بصيغ كثيرة أسهلها وأقصرها : ‘ سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك ، وتعالى جدك ، ولا إله غيرك ‘ .
7 – قول ‘ بسم الله الرحمان الرحيم ‘ سرا أو جهرا ، مع أن الغالب فيها الإسرار لحديث أنس – رضي الله عنه – قال : ‘ صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فلم يجهروا ببسم الله الرحمان الرحيم ‘ ( رواه أحمد في المسند ، والنسائي في كتاب الافتتاح ) .
كما أن من ترك البسملة فصلاته صحيحة طبقا للفتوى رقم 78607 للموقع الشرعي ( إسلام ويب ) حيث يقول : ‘… فإنه ينبغي قراءة البسملة في كل صلاة جهرية كانت أو سرية … وذلك مراعاة للقول بالوجوب الذي هو مذهب الشافعي ومن وافقه كابن المبارك . ومن ترك قراءتها عملا بمذهب الجمهور فصلاته صحيحة ، والمسألة من مواطن الخلاف السائغ ..التي لا ينكر فيها على المخالف ‘ .
ما بعد قراءة الفاتحة
8 – قول آمين بعد الفاتحة ، يجهر بها في الصلاة الجهرية ، ويسر بها في الصلاة السرية .
9 – قراءة سورة بعد الفاتحة ، أو ما تيسر من القرآن .
10 – سكوت خفيف بعد القراءة بقدر التقاط النفس .
11 – يركع مكبرا رافعا يديه ( مثل تكبيرة الصلاة ) ، واضعا يديه على ركبتيه ، مفرقا أصابع يديه .
12 – يقول في الركوع : ‘ سبحان ربي العظيم ‘ ثلاثا .
13 – يرفع رأسه من الركوع رافعا يديه ( مثل التكبيرة ) قائلا : ‘ سمع الله لمن حمده ‘ .
14 – يسجد مكبرا ، واضعا ركبتيه قبل يديه ، فإن لم يقدر على ذلك لعجز أو مشقة فيقدم يديه قبل ركبتيه .
15 – يقول في السجود : ‘ سبحان ربي الأعلى ‘ ثلاثا .
16 – يرفع رأسه من السجود مكبرا حتى يعتدل جالسا ، ويفرش قدمه اليسرى ويجلس عليها ، وينصب اليمنى ويستقبل بأصابعها القبلة فيما يعرف بجلسة الافتراش ، وهناك أيضا جلسة أخرى تسمى جلسة التورك ، يوضحهما الفيديو التالي :
17 – يقول بين السجدتين : ‘ رب اغفر لي رب اغفر لي ‘ .
18 – يسجد السجدة الثانية مكبرا ويكرر ما فعله في السجدة الأولى .
19 – جلسة الاستراحة ، وهي جلسة خفيفة جدا قبل القيام للركعة الثانية .
20 – ينهض على صدور قدميه وركبتيه مكبرا قائما إلى الركعة الثانية .
التشهد في الصلاة كاملا
جلسة التشهد تكون مثل جلسة الرفع من السجود ، فيضع يده اليسرى على فخده اليسرى ، ويضع يده اليمنى على فخده اليمنى ، ويقبض أصابع اليمنى كلها إلا السبابة فيشير بها إلى التوحيد ، ويقول : ‘ التحيات الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا ، وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‘ ، هذا في التشهد الأول ، أما التشهد الثاني عند الركعة الأخيرة فيزيد بعده الصلاة على النبي والدعاء بما شاء .
كيفية السلام في الصلاة
بعد الانتهاء من التشهد يسلم عن يمينه وشماله قائلا : ‘ السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ‘ ، ثم يقول الأذكار المشروعة بعد السلام مثل : ‘ أستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ‘ . أو يسبح ويكبر ويحمد الله ما استطاع واجتهد .
هل صلاة الفجر هي صلاة الصبح ؟
صلاة الفجر أو الصبح اسمان لصلاة واحدة ، وإنما هناك ركعتان خفيفتان يصليهما المرء منفردا ، وذلك بعد أذان الفجر ، وهي سنة مؤكدة واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يصليها الرجل في المسجد أو البيت ، وبعد ذلك يصلي جماعة الفجر أو الصبح ، إذن فهناك سنة ركعتي الفجر ، ثم صلاة الفجر أو الصبح ، ولكي لا يشكل على الناس الفهم ، رأى الكثير من الفقهاء أن يطلق صلاة الفجر على السنة ، و صلاة الصبح على الفريضة ، وهذا الذي أفضله شخصيا .
كتب قيمة عن الصلاة
نقترح عليكم أحبتنا الأفاضل مجموعة من الكتب القيمة التي تسلط الضوء على أهمية الصلاة ، وفوائدها العظيمة وطرق تعليمها ، وسندعكم تكتشفونها بأنفسكم .
لطلب هذه الكتب ما عليكم سوى الضغط على صورة الكتاب أو زر الطلب ، وستصلكم – بحول الله – إلى غاية منزلكم .
1 – شرح الصلاة
2 – تعليم الصلاة
3 – كيمياء الصلاة
ختاما
أرجو أن أكون قد وفقت في إفادتكم وتعليمكم لأسس الصلاة الصحيحة بكل يسر وبساطة ، وقد حاولت أن أبتعد عن أي تعمق أو الحشو في الكلام قدر الإمكان ، وأي سؤال أو استفسار تودون معرفته حول هذا الموضوع المرجو مراسلتنا في صفحة ‘ اتصل بنا ‘ حتى نجيبكم بالشكل الذي يرضيكم وبالدلائل والحجج .
مراجع ومصادر :
– صلاة المؤمن : مفهوم ، وفضائل ، وآداب ، وأنواع ، وكيفية ، في ضوء الكتاب والسنة ( سعيد بن علي بن وهف القحطاني ) .
–
–
– فتاوي موقع إسلام ويب ( 78110 – 78607 – 42256 ) .