بيت المعرفةلطالما شغف الكثير منا بمطالعة قصص وأفلام السفر عبر الزمن ، فتجد البطل يرجع إلى الماضي الغابر ، أو يسافر إلى المستقبل البعيد ، فهل السفر عبر الزمن حقيقة أم خيال ؟
ما هو الزمن ؟
حسب تعريف قاموس أكسفورد الإنجليزي فالزمن هو الامتداد المحدود أو الفراغ المكوَّن من الوجود المستمر ، وبتعريف أوضح فالزمن هو عبارة عن مسار مستمر من التجارب التي تمر فيها الأحداث من المستقبل إلى الحاضر إلى الماضي .
وكمثال حي على هذا التعريف ، فلننظر إلى ساعة حائطية فسنرى عقرب الثواني يتحرك وبهذه الحركة هو يقوم بعدّ الثواني التي أصبحت في تعداد الماضي .
كلام جميل لكن …
كيف أسافر عبر الزمن ؟
تريث يا صديقي ، فأود أن أنير عقلك حتى تفهم طبيعة سؤالك وبالتالي تدرك إجابته .
آلبرت آينشتين وإمكانية السفر عبر الزمن
يعتبر العالم الكبير آلبرت آينشتين أول من فكر بطريقة علمية في فكرة السفر عبر الزمن ، وذلك في نظريته النسبية العامة والخاصة ، حيث أوضح لنا أنه توجد إحداثيات هندسية مناسبة في ، أو وجود تحركات معينة في الفضاء ، فإن السفر في الزمن باتجاه الماضي أو المستقبل يصبح ممكنا .
ولكي نفصل أكثر هذه النظرية ، فآنشتاين يصرح بأن كلما زادت سرعة الجسم المتحرك إلا وتباطأ الزمن تدريجيا ، وإذا وصلت سرعة الجسم المتحرك إلى سرعة الضوء تقريبا ، فإن الزمن سيتوقف ، وبذلك سيتراجع عقرب الساعة إلى الوراء ، وبالتالي يمكننا أن نعود إلى الماضي .
وإن كان آينشتاين نفسه يؤكد أنه لا يمكننا أن نصل إلى سرعة الضوء أبدا ، إلا أن كثيرا من العلماء يتطلعون إلى إمكانية تحقق ذلك مستقبلا مع التقدم التكنلوجي الكبير .
/ الزمكان : هو الكل المكوّن من جميع إحداثيات الكون ( ثلاثة أبعاد فضائية وبعد زمني واحد ) .
هل توجد آلة للسفر عبر الزمن ؟
[wp_ad_camp_3]درجت العديد من الأفلام والروايات على تصوير رحلات السفر عبر الزمن في آلة غريبة تحوي أزرارا كثيرة ، لكن النظريات العلمية ترى أن إمكانية السفر إن صحت فستكون بالاعتماد على ظواهر طبيعية تعتبر محطة للعبور للجهة الأخرى من الزمن الماضي أو المستقبلي .
الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن
الفضاء واسع جدا ومسكن لملايين الكواكب والنجوم ، وحين يصل نجم لنهاية عمره يبدأ بالانهيار مشكلا ضغطا وحقل جاذبية كبير جدا فيما يعرف بالثقب الأسود ، ويعتقد العديد من الفيزيائيين أن دخول جسم معين في هذه النقطة سيمكنه النفاذ منها إلى كون آخر أو زمن آخر .
الثقب الدودي
أو ما يسمى بجسر آينشتين ، بالاعتماد على معطيات النظرية النسبية التي تنص على أن كل كتلة تقوم بتقويس الزمكان ، فإنه بوجود كتلتين متساويتين في نقطتين مختلفتين من الفضاء فإنهما تقومان بعمل تقوسين متماثلين في الزمكان وبالتقاء القوسين يتم تكوين نفق يوصل نقطة الكتلة الأولى بنقطة الثانية…هذا النفق يسمى بالثقب الدودي .
بالعربي الفصيح والمفهوم – كما يقولون – أنه إذا تم العثور على هذا الثقب الدودي فسيتم السفر إلى مجرة تبعد عنا سنين ضوئية ، في مدة قصيرة جدا .
/ السنة ضوئية : هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة واحدة من توقيتنا الأرضي ، وتعادل 9.460.000.000.000 كيلومتر .
مشاكل وتناقضات السفر عبر الزمن
إذا كان العديد من العلماء يؤمنون بإمكانية السفر عبر الزمن ، فهناك بالمقابل علماء آخرين يرون وجود ثغرات وتناقضات عديدة في فكرة السفر عبر الزمن والتي نعرضها كما يلي :
1 – ظاهرة الجد المتناقضة Grandfather Paradox : تقول هذه النظرية أنه لو تمكن شخص ما من السفر إلى الماضي وقام بقتل جده قبل الزواج من جدته…في هذه الحالة لن يكون ممكنا وجود هذا الشخص من الأساس…فكيف كان ممكنا إذا أن يذهب ليقتل جده عندما لم يكن هو موجود أصلا ؟
2 – نظرية ستيفن هوكنغ : يرفض هذا العالم فكرة السفر عبر الزمن من الأساس ، ويتسائل متعجبا أنه إذا صحت فكرة السفر عبر الزمن ، فلماذا إذا لا نرى حولنا الآن الكثيرين من المسافرين في الزمن القادمين من المستقبل لرؤيتنا ورؤية حاضرنا – الذي هو الماضي بالنسبة لهم ؟
3 – نظرية الفيزيائي إينريكو فيرمي : تقوم هذه النظرية على عدم وجود حضارات متقدمة ( غير تلك الموجودة على كوكبنا ) في الكون ، وإلا فلماذا إذا لا نشاهدهم يأتون إلى كوكبنا بشكل دوري ودائم ؟ ولماذا لا نشاهد مركباتهم الفضائية تهبط على أرضنا ؟
السفر عبر الزمن في الإسلام
كثرت التحليلات والاجتهادات في قدرة الله الواسعة وعلمه الأوسع الذي دعانا سبحانه إلى أن نسلك دروب العلم وآفاقه ، وتبقى فكرة السفر عبر الزمن رهينة بالمستقبل وإن كان لا بد فهناك إمكانية اختصار المسافات الطويلة جدا ، أما العودة إلى الماضي أو السفر إلى المستقبل ، فهذا تطلع للغيب والله جل شأنه يقول : ‘ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ‘ ( الأنعام: 59 ) .
لكن كلما شاهدنا مخرجي هوليوود يخرجون فيلما مبهرا حول السفر عبر الزمن ، يعود السؤال من جديد يطفو على الواجهة : هل السفر عبر الزمن حقيقة أم خيال ؟
مصادر ومراجع :
– عن مجلة آفاق العلم ( بتصرف ) .
